كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وذهب بعض أهل العلم إلى أن قتل القمل لا فدية فيه، وهو مذهب أحمد وأصحابه مع أن عنه روايتين:
أحداهما: إباحة قتله، لأنه يؤذي، والأخ رى منع قتله، لأن فيه ترفهًا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر أقوال أهل العلم عندي في ذلك: أن القمل لا يجوز قتله، وأخذه من الرأس، بدليل قصة كعب بن عجرة المتقدمة، فإنه لو كان كان قتله يجوز لما صبر على أذاه، ولتسبب في التفلي، لإزالته من رأسه، كما هو العادة المعروفة فيمن آذاه القمل، وهو غير محرم إن لم يرد الحلق، وأنه لا شيء على من قتله. والدليل على ذلك أمران.
أحدهما: أن الأصل عدم الوجوب إلا لدليل، ولا دليل على لزوم شيء في قتل القمل، مع أنه يؤذي أشد الإيذاء.
الأمر الثاني: أن ظاهر حديث كعب بن عجرة المتفق عليه، وظاهر القران العظيم كلاهما: يدل على أن الفدية إنما لزمت بسبب حلق الرأس، مع كثرة ما فيه من القمل، فلو كانت الفدية تلزم من قتل القمل، وإزالته لبيّنه صلى الله عليه وسلم فقوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] ظاهره أن الأذى الذي برأسه من القمل ونحوه: كالمرض في إباحة الحلق، وأن الفدية لزمت بسبب الحلق لا بسبب المرض، ولا بسبب إزالة القمل، وكذلك ظاهر حديث كعب، حيث أمره بالحلق والفدية، فهو يدل على أن الفدية من أجل الحلق لا غيره.
ومما يؤيد ذلك: أن القمل لا قيمة له فهو كالبراغيب والبعوض، وليس القمل بمأكول، وليس بصيد.
قال صاحب المغني: وحكي عن ابن عمر قال: هي أهون مقتول، وسئل ابن عباس، عن محرم ألقى قملة، ثم طلبها فلم يجدها؟ قال: تلك ضالة لا تبتغى. قال: وهذا قول طاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وأبي ثور، وابن المنذر، وعن أحمد فيمن قتل قملة قال: يطعم شيئًا فعلى هذا أي شيء تصدق به أجزاه، سواء قتل كثيرًا أو قليلًا، وهذا قول أصحاب الرأي وقال إسحاق: تمرة فما فوقها. وقال مالك: حفنة من طعام. وروي ذلك عن ابن عمر، وقال عطاء: قبضة من طعام.
وهذه الأقوال كلها راجعة إلى ما قلناه، فإنهم لم يريدوا بذلك التقدير، وإنما هو على التقريب لأقل ما يتصدق به. انتهى من المغني. ولا يخفى أنها أقوال لا دليل على شيء منها.
وحجة القائلين بها في الجملة: أن قتل القمل فيه ترفه للمحرم، والعلم عند الله تعالى.
وأما الحجامة: إن دعت إليها ضرورة، فلا خلاف في جوازها للمحرم، وإنما اختلف أهل العلم في الفدية، إن احتجتم. أما جوازها لضرورة فهو ثابت، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ثبوتًا لا مطعن فيه.
قال البخاري في صحيحه: باب الحجامة للمحرم: وكوى ابن عمر ابنه، وهو محرم، ويتداوى ما لم يكن فيه طيب.
حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال: قال عمرو: أول شيء سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم» ثم سمعته يقول: حدثني طاوس، عن ابن عباس فقلت: لعله سمعه منهما.
حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة رضي الله عنه قال «احتجمَ النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محرم بلحيى جمل في وسط رأسه» انتهى من صحيح البخاري.
وقال البخاري في كتاب: الطب: باب الحجم في السفر والإحرام: قاله ابن بحينة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوس، وعطاء، عن ابن عباس قال «احتجم النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم».
وقال البخاري في كتاب: الطب أيضًا: باب الحجامة على الرأس.
حدثنا إسماعيل، حدثني سليمان، عن علقمة: أنه سمع عبد الرحمن الأعرج: أنه سمع عبد الله ابن بحينة، يحدث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بلَحْيى جملٍ من طريق مكة وهو محرم في وسط رأسه» وقال الأنصاري: أخبرنا هشام بن حسّان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه» وفي لفظ للبخاري، عن ابن عباس قال: «احتجم النَّبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له لحيى جمل» وفي لفظ له أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقةٍ كانت به» انتهى منه. وحديث ابن عباس الذي ذكره البخاري: أخرجه مسلم أيضًا، عن طاوس، وعطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم» وأخرج مسلم أيضًا حديث ابن بحينة المذكور بلفظ «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه»اهـ.
فهذا الحديث المتفق عليه، عن صحابيين جليلين وهما: عبد الله بن عباس وعبد الله بن بحينة: صريح في جواز الحجامة للمحرم إن دعت إلى ذلك ضرورة وجع. والحديث المتفق عليه المذكور فيه أن الحجامة المذكورة كانت في الرأس.
قال ابن حجر في الفتح: وخالف ذلك حديث أنس فأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان من طريق معمر، عن قتادة عنه قال «احتجم النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به» ورجاله رجال الصحيح، إلا أن أبا داود، حكى عن أحمد أن سعيد بن أبي عروبة رواه عن قتادة، فأرسله وسعيد أحفظ من معمر وليس هذه بعلة قادحة، والجمع بين حديث ابن عباس، وحديث أنس، واضح بالحمل على التعدد أشار إلى ذلك الطبري. اهـ منه.
ولا يخفى أن مثل هذا لا تعارض فيه، وأنه احتجم مرة في الرأس، ومرة على ظهر القدم كما لا يخفى. وقوله في الحديث المتفق عليه «بلحيي جمل» هو بفتح اللام، ويجوز كسرها وسكون الحاء وياء مثناة تحتية، وفي بعض رواياته: بياءين بصيغة التثنية، وجمل بفتح الجيم، والميم. وقد جاء في الروايات، أنه اسم موضع بين مكة، والمدينة. وقال في الفتح: قال ابن وضاح: هي بقعة معروفة وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا. اهـ.
وقال صاحب القاموس: ولحى جمل موضع بين الحرمين، وإلى المدينة أقرب. وزعم صاحب القاموس: أن السقيا بالضم: موضع بين المدينة، ووادي الصفراء، وما ظنه بعضهم: من أن المراد به أحد فكي الجمل الذي هو ذكر الإبل، وأن فكه كان هو آلة الحجامة، فهو غلط لا شك فيه.
فهذه النصوص التي ذكرنا لا يبقى معها شك في جواز الحجامة للمحرم الذي به وجه يحتاج إلى الحجامة.
أما ما يلزم في ذلك فاختلفوا فيه: قال النووي في شرح مسلم: وفي هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم. وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره، إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لَكِن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] الآية. وهذا الحديث محمول على أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس، لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قلع شعر، فهي حرام لتحريم قطع الشعر وإن لم تتضمن ذلك، بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا.
وعند الجمهور: ولا فدية فيها، ووافق الجمهور سحنون، من أصحاب مالك، وعن ابن عمر ومالك كراهتها، وعن الحسن البصري: فيها الفدية.
دليلنا: أن إخراج الدم ليس حرامًا في الإحرام. انتهى منه.
وما ذكره النووي، عن ابن عمر ومالك: من كراهة الحجامة لغير عذر، ذكره مالك في الموطأ، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: أنه كان يقول: «لا يحتجم المحرم إلا مما لابد منه» وفيه قال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة، ولا شك أنها إن أدت إلى قطع شعر من غير حاجة إليها أنها حرام، وإن كانت لا تؤدي إلى قطع شعر، فقد وجه المالكية كراهتها المذكورة، عن مالك وابن عمر بأمرين.
أحدهما: أن إخراج الدم من الحاج، قد يؤدي إلى ضعفه، كما كره صوم يوم عرفة للحاج، مع أن الصوم أخف من الحجامة، قالوا: فبطل الاستدلال المجيز، بأنه لم يقم دليل على تحريم إخراج الدم في الإحرام، لأنا لم نقل بالحرمة، بل بالكراهة لعلة أخرى علمت. قاله الزرقاني في شرح الموطأ.
ومرادهم أن ضعفه بإخراج الدم منه، قد يؤدي إلى عجزه عن إتمام بعض المناسك.
الأمر الثاني: هو أن الحجامة إنما تكون في العادة، بشد الزجاج ونحوه والمحرم ممنوع من العقد والشد على جسده. قاله الشيخ سند.
وقال الحطاب في شرحه لقول خليل عاطفًا على ما يكره: وحجامة بلا عذر ما نصه: وأما مع العذر فتجوز، فإن لم يزل بسببها شعرًا، ولم يقتل قملًا فلا شيء عليه، وإن أزال بسببها شعرًا: فعليه الفدية. وذكر ابن بشير قولًا بسقوطها قال في التوضيح: وهو غريب، وإن قتل قملًا، فإن كان كثيرًا، فالفدية وإلا أطعم حفنة من طعام. والله سبحانه أعلم انتهى منه.
والقول الذي ذكره ابن بشير من المالكية واستغربه خليل في التوضيح بسقوط الفدية مطلقًا. ولو أزال بسبب الحجامة شعرًا له وجه من النظر، ولا يخلو عندي من قوة والله تعالى أعلم.
وإيضاح ذلك أن جيمع الروايات المصرحة «بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه» لم يرد في شيء منها أنه افتدى لإزالة ذلك الشعر من أجل الحجامة، ولو وجبت عليه في ذلك فدية، لبينها للناس، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
والاستدلال على وجوب الفدية في ذلك بعموم قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196]. الآية لا ينهض كل النهوض، لأن الآية واردة في حلق جميع الرأس، لا في حلق بعضه، وقد قدمنا أن حلق بعضه: ليس فيه نص صريح.
ولذلك اختلف العلماء فيه، فذهب الشافعي: إلى أن الفدية تلزم بحلق ثلاث شعرات فصاعدًا. وذهب أحمد في إحدى الروايتين إلى ذلك، وفي الأخرى: إلى لزومها بأربع شعرات، وذهب أبو حنيفة: إلى لزومها بحلق الربع، وذهب مالك: إلى لزومها بحلق ما فيه ترفه، أو إماطة أذى، وهذا الاختلاف يدل على عدم النص الصريح في حلق بعض الرأس، فلا تتعين دلالة الآية على لزوم الفدية، في من أزال شعرًا قليلًا، لأجل تمكن آلة الحجامة من موضع الوجع والله تعالى أعلم.
وممن قال بأن إزالة الشعر عن موضع الحجامة: لا فدية فيه: محمد وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة بل قالا: في ذلك صدقة، وقد قدمنا مرارًا: أن الصدقة عندهم نصف صاع من بر أو صاع كامل من غيره كتمر وشعير.
والحاصل: أن أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، على أنه إن حلق الشعر لأجل تمكن آلة الحجامة، لزمته الفدية على التفصيل المتقدم في قدر ما تلزم به الفدية، من حلق الشعر كما تقدم إيضاحه. وأن عدم لزومها عندنا له وجه من النظر قوي، وحكاه ابن بشير من المالكية. وأما إن لم يحلق بالحجامة شعرًا، فقد قدمنا قريبًا أقوال أهل العلم فيها، وتفصيلهم بين ما تدعو إليه الضرورة، وبين غيره. والعلم عند الله تعالى.
واستدل أهل العلم بأحاديث الحجامة المذكورة، على جواز الفصد، وربط الجرح، والدمل، وقلع الضرس، والختان: وقطع العضو، وغير ذلك من وجوه التداوي، إذا لم يكن في ذلك محظور: كالطيب، وقطع الشعر.
وأما الحك فإن كان في موضع لا شعر فيه فلا ينبغي أن يختلف في جوازه، وإن كان في موضع فيه شعر كالرأس، وكان برفق بحيث لا يحصل به نتف بعض الشعر فكذلك، وإن كان بقوة بحيث يحصل به نتف بعض الشعر، فالظاهر أنه لا يجوز.
وهذا هو الصواب إن شاء الله في مسألة الحك. ولم أعلم في ذلك بشيء مرفوع إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم. وإنما فيه بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد قدمنا قول البخاري، ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأسًا.
وروى مالك في الموطأ عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: «سمعت عائشة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم، أيحك جسده؟ قالت: نعم فليحككه، وليشدد، ولو ربطت يداي، ولم أجد إلا رجلي لحككت». اهـ.
وأما نزع القراد والحلمة من بعيره، فقد أجازه عمر بن الخطاب. وكرهه ابن عمر ومالك. وقد روى مالك في الموطأ، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير: أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرد بعيرًا له في طين بالسقيا، وهو محرم. قال مالك: وأنا أكرهه. وروي أيضًا في الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر، كان يكره أن ينزع المحرم حلمة، أو قرأدًا عن بعيره. قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلى في ذلك. وقوله: يقرد بعيره: أي ينزع عنه القراد ويرميه.
وأما تضميد العين بالصبر ونحوه مما لا طيب فيه لضرورة الوجع فلا خلاف فيه، بين العلماء وأنه لا فدية فيه، كما أجمعوا على أنه إن دعته الضرورة إلى تضميد العين ونحوها بما فيه طيب.
أن ذلك جائز له، وعليه الفدية.
ومن أدلتهم على جواز تضميد العين بالصبر ونحوه: ما رواه مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب جميعًا، عن ابن عيينة قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب قال: خرجنا مع أبان بن عثمان، حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيدالله عينيه، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه، فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله، فأرسل إليه: أن اضمدهما بالصبر، فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «في الرجل إذا اشتكى عينيه، وهو محرم ضمدهما بالصبر». وفي لفظ عن مسلم: أن عمر بين عبيدالله بن معمر رمدت عينيه، فأراد أن يكحلها، فنهاه أبان بن عثمان، وأمره أن يضمدها بالصبر، وحدث عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: أنه فعل ذلك. انتهى من صحيح مسلم.
وأما السواك في الإحرام، فلا خلاف في جوازه بين أهل العلم. قال الشيخ الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره: وربط جرحه ما نصه: قال التادلي في مناسك ابن الحاج: وأجمع أهل العلم على أن للمحرم أن يتسوك، وإن دي فمه. انتهى.
وقال ابن عرفة الشيخ: روى محمد والعتبي: للمحرم أن يتسوك، ولو أدمى فاه انتهى، ثم قال: قلت: لا يلزم من منع القاضي الزينة منع السواك بالجوزاء ونحوه. انتهى والله أعلم. انتهى كلام الحطاب.
فصل: فيما تتعدد فيه الفدية ونحوها وما لا يتعدد فيه ذلك وأقوال العلماء فيه:
اعلم أولًا أن هذا الفصل يدخل في مسألة كبيرة، يذكرها علماء الأصول في مبحث الأمر وهي: هل الأمر يقتضي التكرار أو لا؟ وهي ذات واسطة وطرفين، طرف يتعدد فيه اللازم بلا خلاف، وطرف لا يتعدد فيه، بلا خلاف، وواسطة: هي محل الخلاف، وهذا البحث أعم مما نحن بصدده، ولَكِن إذا تكلمنا عليه على سبيل العموم، رجعنا إلى مسألتنا، فذكرنا فيها كلام أهل الكلام، وأدلتهم، وناقشناها.